كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الجزيرة ترفع شعار “الصحة النفسية للجميع” في احتفالها باليوم العالمي للصحة النفسية
احتفلت كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الجزيرة باليوم العالمي للصحة النفسية في حدث غاية في الأهمية، جاء ليؤكد على حقيقة مصيرية وهي أن الصحة النفسية ليست ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل هي حق أساسي من حقوق الإنسان وأحد الدعائم الرئيسية لبناء مجتمع سليم وقادر على مواجهة التحديات.
يجيء هذا اليوم في ظل ظروف استثنائية يعيشها عالمنا، حيث خلّفت الحروب والنزاعات جراحاً نفسية عميقة وتركت آثاراً كارثية على الصحة العقلية للأفراد والمجتمعات على حد سواء. في خضم هذه التحديات، يبرز اليوم العالمي للصحة النفسية كمنارة أمل، وكمبادرة عالمية تذكرنا بأن الاهتمام بالصحة النفسية لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة حتمية ومسؤولية جماعية لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن تلك الظروف الصعبة.
إن شعار هذا العام “جعل الصحة النفسية والرفاهية للجميع أولوية عالمية” ليس مجرد شعار رنان، بل هو نداء عمل وحملة توعية شاملة تهدف إلى لفت انتباه العالم بأسره إلى أهمية الصحة النفسية التي طالما تم إهمالها أو التقليل من شأنها. فهو دعوة لتعميم ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية وجعلها في صلب الأولويات العالمية، تماماً كما هي الصحة الجسدية.
في هذا الإطار، احتضنت قاعات بالكلية هذا الحدث الهام الذي نظمه طلاب قسم الصحة النفسية، بحضور نخبة من القيادات الأكاديمية والاختصاصيين في هذا المجال، حيث أكد الدكتور محمد عبد المنعم عميد الكلية على الحاجة الماسة لخدمات الصحة النفسية في الوقت الراهن، مشدداً على أهمية تقديم الدعم النفسي كوسيلة أساسية لتحقيق صحة نفسية جيدة لكل فرد في المجتمع.
من جانبه، سلط الدكتور عادل بابكر نائب عميد شؤون الطلاب الضوء على حجم المعاناة النفسية الهائل والظواهر السلبية التي خلفتها الحرب والنزوح، داعياً إلى بذل جهود جادة لتعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية كاستثمار حقيقي في مستقبل أفضل. كما حث على ضرورة مكافحة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالقضايا النفسية، وشدد على أهمية متابعة الطلاب ودعمهم أكاديمياً ونفسياً من خلال الأنشطة اللاصفية التي تساهم في تخفيف الضغوط وتطوير الذات وقدراتهم.
أما الطلاب، فقد أظهروا وعياً عميقاً بأهمية هذا اليوم من خلال مشاركاتهم المتميزة في الفقرات الثقافية والعروض المسرحية والإلقاء الشعري، بالإضافة إلى المعارض التوعوية التي نظموها، مما جعل من هذا الاحتفال منصة حقيقية لنشر الوعي وتجسيد مفاهيم الصحة النفسية بشكل عملي وإبداعي.
لا تقتصر أهمية هذا اليوم على كونه مناسبة سنوية عابرة، بل هو تأكيد على التزامنا الجماعي بمواجهة التحديات النفسية التي تواجه مجتمعنا، وهو بشارة خير لعهد جديد نضع فيه صحة أفرادنا النفسية في مقدمة أولوياتنا، لنسير معاً نحو بناء وطن أقوى وأكثر صحة ورفاهية..
وقد مثلت وزارة الصحة بالولاية وعدد من المراكز المتخصصة في الصحة النفسية والعلاج ركيزة أساسية في هذا المشهد، حيث شاركوا بفاعلية في فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية، مجسدين نموذجاً حياً للتكاملية بين القطاعات المختلفة. وجاءت مشاركتهم من خلال تقديم استشارات نفسية مباشرة، والتعريف بالخدمات العلاجية المتاحة للمواطنين، مما يؤكد على التزام الدولة بتبني قضايا الصحة النفسية وتحويلها من حيز التوعية إلى حيز الخدمات الملموسة. كما أضاف المعرض التوعوي الخاص بأنواع المخدرات وأضرارها بُعداً مهماً للحدث، حيث سلط الضوء على واحدة من أخطر القضايا التي تهدد الصحة النفسية للمجتمع، وربط بشكل واضح بين الوقاية من الإدمان كمدخل أساسي لحماية الصحة العقلية. هذا التشبيك الاستراتيجي بين المؤسسة الأكاديمية ووزارة الصحة والمراكز المتخصصة ليس مجرد تعاون ظرفي، بل هو رسالة قوية تكرس لنهج متكامل، يؤمن بأن معركة الوعي بالصحة النفسية لا يمكن أن تنجح إلا بتضافر جميع الجهود، ويضع أسساً لشراكة مستدامة تهدف إلى بناء شبكة أمان نفسي واجتماعي حقيقية لكل فرد في المجتمع.