جامعة الجزيرة تضع “خارطة طريق” للتعافي الاقتصادي في السودان عبر شراكة استراتيجية مع وزارة المالية
في خطوة عملية لتحويل الحوار إلى خطط عمل، اختتم منتدى جامعة الجزيرة الدوري الثاني أعماله بإصدار حزمة شاملة من التوصيات الهادفة إلى بناء اقتصاد مرن في مرحلة ما بعد الحرب. وجاء المنتدى، الذي عقد بالشراكة مع وزارة المالية والاقتصاد والقوى العاملة بالولاية تحت عنوان “التعافي الاقتصادي والاجتماعي”، ليؤكد دور الجامعة كبيت خبرة وطني يساهم في معالجة الملفات الاقتصادية الملحة.
خرج المنتدى بتوصيات ملموسة تمثل ركائز متعددة لخارطة الطريق المقترحة، تتصدرها دعوة عاجلة لتعزيز الاستقرار التشريعي ومواءمة القوانين الاستثمارية بين المركز والولاية لتحفيز بيئة الأعمال. وطالبت التوصيات بمعالجة تحديي المياه والري في القطاع الزراعي عبر تبني التقانات الحديثة، وتنظيم قطاع التعدين الأهلي للحد من الآثار البيئية السلبية وزيادة العائد الرسمي من صادر الذهب.
ولم يغفل المنتدى العنصر البشري كأهم ركيزة للتعافي، حيث أوصى بإجراء دراسات ميدانية شاملة لتحديد فجوات المهارات، وإعادة تأهيل منظومتي التعليم والصحة، وخلق برامج حقيقية للحد من الفقر عبر توفير فرص العمل. كما شدد على ضرورة تحسين بيئة الأعمال لدعم الابتكار وريادة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
في محور الإصلاح المالي والمصرفي، قدم المنتدى حلولاً جرئية تتضمن إعادة هيكلة الجهاز المصرفي وتعزيز حوكمته، وتطوير حلول دفع رقمية مبتكرة لتشمل المناطق محدودة الخدمات. كما دعا إلى تخفيف القيود على التمويل الموجه للقطاعات الإنتاجية وزيادة نسبة التمويل الأصغر لدعم المشاريع الصغيرة.
ولضمان تنفيذ هذه الرؤية الطموحة، أكدت التوصيات على ضرورة تفعيل إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطوير نماذج شراكة مبتكرة في مشاريع البنية التحتية والخدمات، مع مراجعة وتحديث العقود لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحقيق التوازن التنموي بين جميع المناطق.
يمثل إصدار هذه الحزمة من التوصيات المرحلة الأولى من مسار طويل، حيث تحوّل الأفكار إلى التزامات. وأكد المشاركون على أن نجاح هذه الخطة مرهون بتحقيق شراكة حقيقية وفعالة بين الحكومة والأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال والمجتمع المدني. وتعهدت جامعة الجزيرة، بوصفها راعياً فكرياً للمنتدى، بمتابعة هذه التوصيات من خلال لجان متخصصة ودراسات معمقة، لتحويل “خارطة الطريق” إلى واقع ملموس يساهم في بناء مستقبل اقتصادي مستقر ومزدهر لجميع السودانيين.
